Friday 7 October 2011

خلوة ملكية .. والقصر يستعين بمسؤولين فقراء


جفرا نيوز - بسام البدارين - القدس العربي

شغف الأردنيين بأي معلومة ولو صغيرة توحي بالتغيير الوزاري والتخلص من الحكومة الحالية قفزعلى نحو مفاجئ باسم الوزير والنائب السابق والسفير حاليا محمد داوودية إلى الواجهة حتى بدون قصد او طموح من الرجل المبتعد عن الأضواء والمكتفي بحصته الدبلوماسية منذ تسع سنوات على الأقل.
لكن الشغف العام برؤية أشخاص أو رموز في الساحة المحلية من الطراز الذي يستطيع التحاور مع الناس والتفاهم معهم يجعل تصعيد الصحافي والمثقف السابق محمد داوودية في سلم الوظيفة جزءا من الأماني والأحلام السياسية التي يغذيها سؤال يتوقف الجميع في الأردن على محطته اليوم وهو: من هم طبقة اللاعبين الجدد الذين سيستعين بهم القصر الملكي في المرحلة المقبلة للانتقال إلى الصفحة التالية واحتواء عاصفة الحراك؟
ومستوى اهتمام الشارع العام برؤية نخب يحترمها في مواقع القرار وصل فعليا إلى حد تفسير خطوات أهلية وعائلية وشخصية قام بها السفير داوودية على أساس أنها قد تكون مقدمة لتغيير من أي طراز في البلاد، خصوصا ان الملك وطاقمه كما يتردد يقيمان في مدينة العقبة منذ مساء الأربعاء وحتى ظهر الاثنين في إشارة تدلل على أن الدولة تفكر بشيء ما.
لذلك حضر السفير داوودية إلى عمان بإجازة خاصة لكنها طويلة قليلا ثم زار مسقط رأسه مدينة الطفيلة، التي تعتبر بؤرة ملتهبة حراكيا قبل ان يلتقي شخصيات من مدينته في عمان في إطار التحاور والفهم والمطالبة بالتهدئة، فداوودية بقي طوال الفترة الماضية الرجل الذي فضل ألا يذكر اسمه عند أي تعديل وزاري وأن يبقى في ظل العمل الدبلوماسي، خصوصا بعدما أحبطت قوى الحرس القديم مشروعه الشهير للتنمية السياسية عندما كلف بوزارة تحمل نفس الاسم.
لكن الشغف السياسي لا يكفي لإحداث التغيير في ساحة أردنية أصبحت مفتوحة على كل الاحتمالات فيما يقال في شوارع مدن الكرك والطفيلة وفي الاجتماعات العشائرية، حتى في أطراف العاصمة عمان لم يكن في الماضي وارد ولم يدخل يوما في نطاق الاحتمالات والأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور وإزاء تصاعد وتيرة الهتافات والشعارات يجد نفسه معنيا بالتعليق قائلا: نقود الحراك أحيانا نعم.. لكن ندعو لإسقاط النظام لا.. وندعو لإصلاح النظام نعم.
وفي أروقة القصر الملكي يمكن تلمس قناعة المستشارين بأن الثقة تكرست نسبيا بأن حكومة معروف البخيت الحالية استنفدت أغراضها وان استمرارها ينطوي على كلفة إضافية مع الشارع لكن الجميع في أروقة القرار يطرح كالمواطنين السؤال التالي: من هو البديل المؤهل والمنتج إذا؟.
في احد اللقاءات المغلقة تذمر الملك عبدالله الثاني شخصيا من حمى الشائعات التي تشوه عمليا جميع الرموز وتطال أغلبهم وتسجل على معظمهم ملاحظات سلبية باسم الشعب.. لذلك كان السؤال: من أين نأتي برئيس وزراء لا يتحدث الناس عنه أو نضمن ألا يتحدثوا؟
طبعا سؤال من هذا النوع أصبح بحد ذاته إشكالا في ظل التقارير الميدانية الأمنية التي تصل لمربع القرار الإستراتيجي تحديدا عن مؤشرات القلق والاحتقان في مدن الجنوب الذي يعاني من التهميش والفقر وكثرة الاعتصامات والمشكلة تكمن في التفاصيل فالخيارات من أبناء الجنوب تحديدا ضيقة جدا او مستخدمة سابقا على المستوى النخبوي فيما يفرض الحراك رموزه وقواه في الشارع.
لكن اليوم لم يعد هذا السؤال يكفي لممارسة الاحتفاظ المكلف بحكومة البخيت فالنداءات تتواصل باسم الناس والنخب وحتى باسم شخصيات مهمة في الدولة بضرورة طي الصفحة والتغيير وبأسرع وقت ممكن حتى لا يتطور الحراك إلى مشاهد منفلتة كما حصل في ضاحية اللبن العشائرية قبل أيام جنوب العاصمة، حيث خرج أحدهم مقترحا إسقاط النظام بدلا من إصلاحه قبل أن يسكته المجتمعون.
ومن هنا يترقب الجميع تداعيات واستحقاقات ونتائج الخلوة المهمة التي يقيمها الملك حاليا في مدينة العقبة ولعدة أيام حسب المعلومات وهي خلوة ستتضمن تأملات وتفكيرات بالعمق وعلى مستوى القمة ولابد أن يتبعها حسب القراءات الأولية حراك من النظام هذه المرة يستوعب ولو قليلا من حراك المحافظات الذي بدأ يتجاوز الخطوط الحمراء.
لكن حتى اللحظة يتحدث سقف التوقعات في حده الأدنى عن إعادة تشكيل مجلس الاعيان ووضع حل عملي لأزمة مزدوجي الجنسية وإدخال رموز من الطراز الاجتماعي المحترم في طبقة الحكم لأغراض التواصل مع حراك الشارع.
لكن السقف بمستواه المتوسط يتضمن تغييرات مقنعة وسياسية في مناصب عليا في جهاز الديوان الملكي وفي المستوى الأمني وفي إطار السقف المتفائل يمكن ان تنتهي خلوة العقبة بطي صفحة وزارة البخيت.. اما إذا لم يحصل شيء من كل ذلك فالساحة قد تشهد المزيد من الإثارة.

عن القدس العربي

No comments:

Post a Comment